ولما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة . أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالتهيؤ لغزو الروم . فلما كان من الغد دعا أسامة بن زيد وأمره أن يسير إلى موضع مقتل أبيه زيد بن حارثة ، وأن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والدوارم من أرض فلسطين . فتجهز الناس وأوعب مع أسامة المهاجرون والأنصار .
ثم استبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في بعث أسامة - وهو في وجعه - فخرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر - وكان المنافقون قد قالوا في إمارة أسامة أمر غلاما حدثا على جلة المهاجرين والأنصار . فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا . وخرج عاصبا رأسه - وكان قد بدأ به الوجع - فصعد المنبر " فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس انفذوا بعث أسامة فلئن طعنتم في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه . وايم الله إن كان خليقا للإمارة . وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة وإن كان أبوه لمن أحب الناس إلي وإن هذا . لمن أحب الناس إلي من بعده ثم نزل .
وانكمش الناس في جهازهم . فاشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه . وخرج أسامة بجيشه فعسكر بالجرف وتتام إليه الناس . فأقاموا لينظروا ما الله تبارك وتعالى قاض في رسوله صلى الله عليه وسلم .