فلما بلغهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا . فمنهم من رجع . ومنهم من أدى إلى أبي بكر منهم عدي بن حاتم ، كانت عنده إبل عظيمة من صدقات قومه . فلما ارتد من ارتد وارتدت بنوأسد - وهم جيرانهم - اجتمعت طيئ إلى عدي . فقالوا : إن هذا الرجل قد مات وقد انتقض الناس بعده وقبض كل قوم ما كان في أيديهم من صدقاتهم فنحن أحق بأموالنا من شذاذ الناس . فقال ألم تعطوا العهد طائعين غير مكرهين ؟ .
قالوا : بلى ، ولكن حدث ما ترى ، وقد ترى ما صنع الناس . فقال والذي نفس عدي بيده لا أخيس بها أبدا . فإن أبيتم فوالله لأقاتلنكم . فليكونن أول قتيل يقتل على وفاء ذمته عدي بن حاتم ، أو يسلمها . فلا تطمعوا أن يسب حاتم في قبره وعدي ابنه من بعده . فلا يدعونكم غدر غادر إلى أن تغدروا . فإن للشيطان قادة عند موت كل نبي يستخف بها أهل الجهل حتى يحملهم على قلائص الفتنة . وإنما هي عجاجة لا ثبات لها ، ولا ثبات فيها . إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم خليفة من بعده يلي هذا الأمر . وإن لدين الله أقواما سينهضون به ويقومون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذؤابتيه في السماء . لئن فعلتم ليقارعنكم عن أموالكم ونسائكم بعد قتل عدي وغدركم فأي قوم أنتم عند ذلك ؟ . فلما رأوا منه الجد كفوا عنه . وأسلموا له .
فلما كان زمن عمر رأى من عمر جفوة . فقال له عدي : ما أراك تعرفني ؟ قال عمر بلى والله . والله يعرفك في السماء . أعرفك والله أسلمت إذ كفروا ، ووفيت إذ غدروا ، وأقبلت إذا أدبروا . وايم الله أعرفك