ولما كان من العرب ما كان ومنع من منع منهم الصدقة . جد بأبي بكر الجد في قتالهم . وأراه الله رشده فيهم . وعزم على الخروج بنفسه . فخرج في مائة من المهاجرين والأنصار ، وخالد يحمل اللواء حتى نزل بقعاء ، يريد أن يتلاحق الناس ويكون أسرع لخروجهم . ووكل بالناس محمد بن مسلمة يستحثهم . وأقام ببقعاء أياما ينتظر الناس . ولم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلا خرج .
فقال عمر ارجع يا خليفة رسول الله تكن للمسلمين فئة فإنك إن تقتل يرتد الناس ويعلو الباطل الحق . فدعا زيد بن الخطاب ليستخلفه فقال قد كنت أرجو أن أرزق الشهادة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أرزقها . وأنا أرجو أن أرزقها في هذا الوجه . وإن أمير الجيش لا ينبغي أن يباشر القتال بنفسه .
فدعا أبا حذيفة بن عتبة فعرض عليه ذلك فقال مثلما قال زيد فدعا سالما مولى أبي حذيفة فأبى عليه . فدعا خالدا فأمره على الناس وكتب معه هذا الكتاب .
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن الوليد ، حين بعثه لقتال من رجع عن الإسلام إلى ضلالة الجاهلية وأماني الشيطان . وأمره أن يبين لهم الذي لهم في الإسلام والذي عليهم ويحرص على هداهم . فمن أجابه قبل منه وإنما يقاتل من كفر بالله على الإيمان بالله . فإذا أجاب إلى الإيمان وصدق إيمانه لم يكن له عليه سبيل . وكان الله حسيبه بعد في عمله . ولا يقبل من أحد شيئا أعطاه إياه إلا الإسلام والدخول فيه والصبر به وعليه . ولا يدخل في أصحابه حشوا من الناس حتى يعرف علام اتبعوه وقاتلوا معه ؟ فإني أخشى أن يكون معكم ناس يتعوذون بكم ليسوا منكم ولا على دينكم . فيكونون عونا عليكم . وارفق بالمسلمين في مسيرهم ومنازلهم وتفقدهم . ولا تعجل بعض الناس عن بعض في المسير ولا في الارتحال . واستوص بمن معك من الأنصار خيرا . فإن فيهم ضيقا ومرارة وزعارة ولهم حق وفضيلة وسابقة ووصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فاقبل من محسنهم وتجاوز عن مسيئهم .