بسم الله الرحمن الرحيم من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من بلغه كتابي هذا ، من عامة الناس أو خاصتهم أقام على إسلام أو راجع عنه . سلام على من اتبع الهدى ، ولم يرجع بعد الهدى إلى الضلالة والعمى . فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو . وأشهد أن لا إله إلا هو وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الهادي غير المضل . أرسله بالحق من عنده إلى خلقه بشيرا ونذيرا ; وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا . لينذر من كان حيا ، ويحق القول على الكافرين . فهدى الله بالحق من أجاب إليه وضرب بالحق من أدبر عنه حتى صاروا إلى الإسلام طوعا وكرها . ثم أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك أجله . وقد كان الله بين له ذلك لأهل الإسلام في الكتاب الذي أنزل عليه فقال ( 39 : 31 ) إنك ميت وإنهم ميتون وقال ( 31 : 34 ) وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون الآية وقال للمؤمنين ( 3 : 144 ) وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل - الآية فمن كان إنما يعبد محمدا ، فإن محمدا قد مات . ومن كان يعبد الله وحده لا شريك له فإن الله له بالمرصاد حي قيوم لا يموت ولا تأخذه سنة ولا نوم حافظ لأمره منتقم من عدوه ومجزيه وإني أوصيكم أيها الناس بتقوى الله . وأحضكم على حظكم ونصيبكم من الله وما جاء به نبيكم صلى الله عليه وسلم . وأن تهتدوا بهداه . وتعتصموا بدين الله . فإن كل من لم يحفظ الله ضائع وكل من لم يصدقه كاذب وكل من لم يسعده الله شقي ، وكل من لم يرزقه محروم وكل من لم ينصره الله مخذول . فاهتدوا بهدى الله ربكم . فإنه من يهد الله فهو المهتدي . ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا .
وإنه قد بلغني رجوع من رجع منكم عن دينه بعد أن أقر بالإسلام وعمل به اغترارا بالله وجهالة بأمر الله وطاعة للشيطان . قال الله تعالى ( 35 : 6 ) إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير وإني قد بعثت إليكم خالدا في المهاجرين والأنصار ، والتابعين لهم بإحسان . وأمرته أن لا يقاتل أحدا حتى يدعوه إلى داعية الله .
فمن دخل في دين الله وعمل صالحا قبل ذلك منه ومن أبى فلا يبقي على أحد ، ويحرقهم بالنار ويسبي الذراري والنساء .
وعن عروة بن الزبير قال جعل أبو بكر يوصي خالدا ، ويقول عليك بتقوى الله والرفق بمن معك . فإن معك أهل السابقة من المهاجرين والأنصار . فشاورهم . ثم لا تخالفهم . وقدم أمامك الطلائع ترتد لك المنازل . وسر في أصحابك على تعبئة جيدة . فإن أعطاك الله الظفر على أهل اليمامة ، فأقل البقيا عليهم إن شاء الله . وإياك أن تلقاني غدا بما يضيق به صدري منك . اسمع عهدي ووصيتي ولا تغيرن على دار سمعت فيها أذانا ، حتى تعلم ما هم عليه .
واعلم أن الله يعلم من سريرتك ما يعلم من علانيتك . واعلم أن رعيتك تعمل بما تراك تعمل . تعاهد جيشك ، وانههم عما لا يصلح لهم . فإنما تقاتلون من تقاتلون بأعمالكم . وبهذا نرجو لكم النصر على أعدائكم . سر على بركة الله تعالى